الاثنين، 9 يوليو 2018

الأشراف في بلاد زواوة

 الأشراف في بلاد زواوة 
 حين سقوط دولة الأدارسة في فاس ودولة بني عمومتهم السليمانيين في تلمسان في أواخر القرن الرابع الهجري، ضربتهم فتنة موسى بن أبي العافية المكناسي، فقتلهم وحاصرهم وشردهم، مما اضطرهم للخروج فرادى وجماعات، فخلعوا عنهم إشارة النسب الشريف واستحالت صبغتهم إلى البداوة. فمنهم من دخل إلى القبائل البربرية تكلم البربرية، ومنهم من دخل إلى مناطق أخرى فحافظ على لسانه العربي فتكلم العربية، فسموا عند القبائل البربرية ال2مرابضن وعند القبائل العربية بالمرابطين، وكلهم من الأشراف سواء تكلموا الأمازيغية أو العربية فهم من نسل النبي صلى الله عليه وسلم.
لقد تطرق بعض المؤرخين الجزائريين للأمر وفصلوا فيه، فنرى مثلا الدكتور يحي بوعزيز رحمه الله حلل طبيعة المجتمع الزواوي، وذكر ال2مرابضن وعاداتهم وتقاليدهم، والدكتور يحي بوعزيز من 2مرابضن إلماين في برج بوعريريج، وهو من نسل سيدي هلال بن حالة بن عامر بن يلمان الونوغي الشريف الإدريسي الحسني جد أشراف بني يلمان، فقد زاوج بين الأصل العربي الشريف وبين الهوية الأمازيغية المكتسبة بسكن أجداده بين ظهراني الأمازيغ، وقد سبق بوعزيز في ذلك بعض المؤرخين الفرنسيين إلا أنهم ذكروا ما يخدم الطرح الاستعماري. فقد رأينا مثلا المستشرق كطرمير(Quatermère) قام بتحقيق انتقائي لعبر ابن خلدون ولم يترجم منها للغة الفرنسية إلا أجزاء تخدم الطرح الاستعماري. ثم جاء مستشرق آخر بعده فترجم للغة الفرنسية الأجزاء المتعلقة بتاريخ البربر من كتاب العبر، وأهمل الأجزاء الأخرى خدمة كما ذكرت لأهداف ومصالح المستعمر الفرنسي.
فمثلا CHARLES FERAUD كتب كتابا سماه: (Les Chérifs De Kabylie) بالعربية "أشراف القبائل" وعلى نهجه كتب HANOTEAUو LETOURNEUX عن الأمر في كتاب (La kabyle et les coutumes kabyles) بالعربية "القبائل وتقاليد القبائل". وقد ذكر أحد المؤرخين الفرنسيين عن بلاد زواوة فيما معناه بالعربية: "سكان المنطقة أمازيغ، ويطلقون على أنفسهم اسم زواوة نسبة للقبيلة القاطنة في هذه المنطقة، كما يرجع البعض أصل سكان المنطقة إلى قبيلة كتامة الأمازيغية، كما يوجد مجموعة كبيرة من الأشراف الأدارسة في المنطقة ويلقبون بالمرابطين الأشراف وقد اندمجوا مع السكان، يتكلم الأغلبية العظمى اللغة الأمازيغية بلهجتها القبائلية تقبايليث". ولكن أخطر ما قرأته عن الأمر ما ذكرته الباحثة الفرنسية CAMILLE LACOSTE-DUJARDIN في كتاب لها، فمن المفاهيم المغلوطة الواردة فيه استعمال مفهوم العلماني (Laic) لتمييز فئة "القبائل" وهم السكان الأصليون حسبها، عن فئة "ال2مرابضن" وهم الأشراف الوافدون حسبها دائما، محاولة إبراز أمر ما لتفريق العنصرين الهامين في تكوين المجتمع الزواوي.
ولكل هذا أردت أن أذكر عديد المفاهيم التي تنور الأمر، فنحن نعلم أن فرنسا كما يقال بالعامية "قراتنا مليح" وتعرف عن أصلنا وفصلنا، ولذلك وجب علينا تبيان الأصل من الناحية التي نرد بها على دعاة الفتنة. فحينما نرى انصهار العرب الأشراف الأدارسة ال2مرابضن في المجتمع البربري الأمازيغي الزواوي، ومساهماتهم فيه، ودفاعهم عن القضية والهوية البربرية دون هوادة، ومنهم الرجل الرمز البطل الراحل حسين آيت أحمد رغم كونه كان عربي شريف الأصل أمازيغي الهوية. قلت حين نستعمل هكذا طرح فهو تفويت لأصحاب الفتن، فهذا مثال يجب أن نفهم به مدى تجانس الشعب الجزائري وامتزاجه. فحين تقول مرابط فهي مرادف لشريف النسب عند العرب ولا تنفي الهوية العربية لصاحبها، وحين نقول 2مرابضن فهي مرادف لشريف النسب العربي الأصل لدى البربر وهي لا تنفي الهوية الأمازيغية لصاحبها.
تذكر كتب ومخطوطات ومشجرات الأنساب التي اطلعنا عليها، عديد مناطق وقرى زواوة الشامخة التي دخلها ال2مرابضن الأشراف، فنجد مثلا النسابة يذكرون عنهم وفي كثير المرات: "ومنهم فرقة في زواوة يقال لهم...". ثم يفصلون في نسبهم وأماكن تواجدهم تحديدا. ومن الأمثلة عن مناطق انتشارهم مما وجد في هذه المخطوطات التي بين يدي دون باقي مخطوطات الأنساب، أذكر:
بعضهم في آث علي أوحرزون في بني عيسي، وبعضهم في بني مليكش، وبعضهم في بني عباس، وبعضهم في واقنون وعمراوة، وبعضهم في جبل عمال، وفرقة منهم في توجة، وفرقة في بني عبد الجبار قرب بجاية، وفرقة في مسيسنا، وفرقة في زرخفاوة، ومنهم البعض في بني سعادة، وبعضهم في بني غبرين، وأيضا فرقة في تاريكت 2فليسن، وأيضا في بني خلفون، ومنهم فرقة في أرض قشطولة قرب مشطراس، وبعضهم في


بني جناد، ومنهم في بني يحي قرب جبل زواوة، وفرقة منهم في جبل امشدالة، وفرقة في جبل ايراثن، ومنهم فرقة في بني يليثن... إلخ. هذه الأماكن التي ذكرت مقرونة بسلاسل النسب التي تربطهم بالأدارسة والسليمانيين من بني فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع تبيان بني عمومتهم الآخرين ممن انتشر بين العرب، فيما يعرف عندنا الآن بالمرابطين.
ولكي أقرب الأمر أكثر للفهم، سأعطي أمثلة عن أشخاص معروفين في الجزائر الحالية من ال2مرابضن الأشراف، وأذكر أجدادهم أصحاب الزوايا:
سيدي يحي العيدلي في تمقرة في ولاية بجاية:
هو من الأشراف الذين وفدوا من الأندلس، وهو الشيخ سيدي يحي بن أحمد بن موسي بن مغيث بن نوح بن عجيس ابن عبد الرحمان بن سعيد بن مالك بن جعفر بن عبدالله بن يحي بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن محمد الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. تزوج من سيدة فاضلة من منطقة تمقرة، فأنجبت له ثلاثة أولاد: الجوذي، الواضح، بلقاسم، وأنجب ابنه بلقاسم بدوره: علي والمهدي. وانطلاقا من أسماء أولاده سميت أحياء تمقرة بحسب سكن أبناءه فيها: آث الجوذي، آث الواضح، آث علي أو بلقاسم، آث المهذي، ومن أحفاد سيدي يحي العيدلي هذا، العالم العلامة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت بن الشيخ مقران حفظه الله.
سيدي أحمد أويحي (بن يحي) بأمالو ناث عيذل ولاية بجاية:
هو: أحمد بن يحيى بن علي بن محمد بن مخلوف بن سعيد بن وعزيز بن المنصور بن يحيى أبو زكريا بن فارس بن كامل بن غالي بن أكسير العجيسي بن عبد الرحمن أبو زيد بن عبد القادر بن سعيد بن مالك بن جعفر بن عبدالله بن يحي بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن محمد الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن نسل سيدي أحمد بن يحي هذا، رئيس حكومة بومرداس عبد الرحمان فارس رحمه الله.
سيدي محمد السعيد بن علي الشريف صاحب زاوية شلاطة:
ينحدر من نسل الولي الصالح سيدي أبو محمد عبد السلام بن أمشيش الشريف الإدريسي الحسني.
سيدي أحمد بن إدريس صاحب زاوية آيت علي أومحند في إيلولة أومالو ولاية تيزي وزو:
هو: سيدي أحمد بن إدريس صاحب جبل زواوة، أو كما يسميه أهل التصوف جبل النور، هو من نسل محمد بن سليمان ابن أخ إدريس، فاسمه سيدي أحمد بن إدريس بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن موسى بن إبراهيم بن خالد بن إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن إدريس بن محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لقد ذكرت هذه الأمثلة وغيرها كثير جدا، على غرار محمد الصالح الصديق من أشراف آث جناد وغيره، قلت لقد ذكرتها لأبين انصهار عنصر ال2مرابضن الأشراف من نسل النبي صلى الله عليه وسلم مع إخوتهم البربر في الأزمان الماضية، فقد كان ال2مرابضن من رواد النهضة الإصلاحية الإسلامية في الجزائر، على غرار الشيخ الفضيل الورتيلاني سليل الشيح محمد الحسين الورتيلاني الشريف من نسل سيدي أحمد البكاي البجائي، وكذلك الشيخ السعيد البيباني بوتقجرت من نسل سيدي إبراهيم بن بوبكر الونوغي اليلماني، وغيرهما. هذه الأمثلة تبين اندماج الأشراف ال2مرابضن في الوطن الأمازيغي الزواوي، وهو أكبر دليل على أن الأصل حينما يفهم ويعرف يوحد دوما ولا يفرق أبدا مثلما أسلفت في كلامي سابقا. فالأصل ثابت والهوية مكتسبة بالاختلاط أو الجوار أو المصاهرة، فعديد العرب أصلهم أمازيغي واستعربوا وما أكثرهم، وعديد العرب أصبحوا أمازيغ الهوية واللسان كالامرابضن، وهذا ليس عيبا، بل هو أكبر دليل على أن هذا الاندماج والتوحد العجيبين، أكبر من أن تهدمهما ترهات الفاشلين.
أنهي كلامي بأمر يقرب الصورة أكثر فأكثر، فأذكر ثلاث أمثلة من المنطقة، وربما يعرفها الكثير من هذا الجمع المبارك:
المثال الأول: عائلة أومالك، في تيفريت نايت أومالك بأزفون، وهم من نسل سيدي محند أومالك، فوالده مالك مدفون في إيسومار قرب قنزات بني يعلى ولاية سطيف، وهم إخوة أولاد سيدي نايل، فهم من ذرية أحمد الشريف المشيشي، وهم يعرفون ذلك وسبق لهم التواصل مع بني عمومتهم في بني يعلى وأولاد سيدي نايل أيضا.
المثال الثاني: عائلات سي سرير وسي يوسف في أسي يوسف أسفل قرية ورجة الموطن الأول لبني عمومتهم من العائلة التي نحن في ضيافتها الآن عائلة آيت أحمد، والعائلات الثلاث من نسل الشيخ الحمامي الونوغي، والحضور ربما هم أدرى منا بذلك، فهم أقرباء البطلة لالا فاطمة نسومر بنت محمد بن عيسى، الذي هو من نسل سيدي أحمد أمزيان الحمامي، والذي بدوره ينتسب لأحمد بن قرقيط بن داوود بن يلمان الونوغي جد أشراف بني يلمان، والذي ذكره مولود قايد في كتابه "تاريخ البربر"، بأنه جد أشراف جبل كوكو.
المثال الثالث وربما هو الأوضح: عائلة أونوغن في ميشلي (عين الحمام)، وتحديدا في قرية تاوريرت عمران، ولكي يتوضح الأمر سأذكر نسبي، فأنا: صديقي محمد بن بن أعمر بن بوزيد بن بن أعمر بن عبد الله بن أحمد بن سيدي زيان الونوغي، دفين قرية الصمة بلدية بن داود ولاية برج بوعريريج، وعائلة أونوغن جدهم هو: قاصي ونوغة سي أحمد بن الطيب بن سيدي زيان، فهم من نسل الطيب بن زيان ونحن من نسل أحمد بن زيان. ارتحل جدهم من قرية الصمة قاصدا زاوية سيدي أحمد أمزيان السالف الذكر لأنه من بني عمومته، وذلك قبل قانون الحالة المدنية، وأخذ أولاده لقب أونوغن فيما معناه بالعربية ونوغي أي من إقليم ونوغة الممتد الآن في ثلاث ولايات البويرة البرج والمسيلة، والذي تعد قصبة بني يلمان عاصمته، والعائلة الآن تحمل ثلاث ألقاب هي: أونوغن، بن أونوغن وونوغي، وهم يعلمون الأمر، ولم تنقطع الصلات بيننا إلى الآن.
أخيرا، أذكر بأنني ذكرت كل هذا الكلام لأمرين اثنين لا ثالث لهما:
الأمر الأول: لكي يعرف ال2مرابضن أن الشرف العربي، والانتماء إلى نسل النبي صلى الله عليه وسلم، يزيدهم فخرا على فخر، فهو ليس لا سباب، ولا شتيمة، ولا هم يحزنون.
الأمر الثاني: لكي نبين أن هذا الاندماج الرائع، بين ال2مرابضن العرب الأشراف وأخوالهم الأمازيغ الأحرار والذي قلما وجد له مثيل في أماكن أخرى، لهو دليل قاطع على عمق العلاقات، وعلى أن ما يجمع شعب الجزائر بمختلف أطيافه أكثر من أن تزلزله ترهات الفاشلين، أو أن يصيبه كيد الكائدين.
دامت المحبة بيننا، ودام التآزر بيننا، ودام الأمازيغ الأحرار كالتاج فوق رؤوسنا، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
عن مؤسسة سيدي نايل/ العبد الفقير، المقر بالعجز والتقصير، المهندس أبي زيان محمد صديقي



هناك 4 تعليقات:

  1. وعرش أث زيكي ببوزقان أخي ؟

    ردحذف
  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا بن عمي نحن آل الولي الصالح سيدي محمد الحاج بن علي بن قايد بن يعلا بن سلامة بن براهيم بن عبد الحليم بن عبد الكريم بن عيسى بن موسى بن عبد السلام بن محمد بن جعفر بن عبد الجبار بن محمد بن أحمد بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن سيدناا علي كرم الله وجهه و سيدتنا البتول فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت حبيب الله سيد الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. .... هل من شهادات و مخطوطات ؟؟؟

    ردحذف
  3. من فضلك أصل المرابطين الموجودين بعرش آسي يوسف بلدية بوغني تيزي وزو

    ردحذف
  4. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من فضلكم نريد معرفة أصل محمد الصالح الصديق الذي قلتم أنه من من أشراف آث جناد ؟ سلام.

    ردحذف